الطيب بن محمد بن أحمد التملي، يُعرف أيضا بــ (محمد الطيب)، أحد رجالات الأسرة التملية، عالم متمكن، نشأ بتارودانت تحت رعاية والده القاضي محمد التملي، وأخذ بها مبادئ العلوم ثم استكمل دراسته العلمية بفاس.
تصدر للتدريس والخطابة بالجامع الكبير بتارودانت، وتولى خطة القضاء بعد وفاة أبيه، وردت تحليته في الحوالة الحبسية بــ (قاضي الجماعة بمحروسة رودانة، وخطيبها البليغ) كما حلاه المختار السوسي بـالأديب، وقال عنه: (هو أدمث أهله خلقا وألينهم عريكة)
من مآثره العظيمة أنه أول من أدخل المطبعة الحجرية إلى المغرب على نفقته الخاصة، بعد رجوعه من مناسك الحج في شهر شعبان 1281هـ/1865م، اشتراها بمصر وتعاقد مع طابع مصري رافقه إلى المغرب اسمه محمد بن إبراهيم القباني على أن يُشغل المطبعة ويتكلف القاضي براتبه ومؤونته.
بعد الوصول إلى ميناء الصويرة، أخبر عنها أمين المرسى قائد المنطقة الذي استفسر في أمرها، فأصدر السلطان محمد الرابع أمره بنقل المطبعة مع الطابع إلى مكناس وكان أول ما طُبع فيها كتاب (الشمائل) للترمذي.
يقول المختار السوسي: (ومن مآثره أنه هو الذي اشترى في حَجته المطبعة الحجرية الفاسية الأولى من مصر يريدها لنفسه، ثم حازها منه السلطان سيدي محمد بن مولاي عبد الرحمن، فنقلت من السويرة إلى مكناسة)
ويقول أمين مجموعة الكتب والدوريات العربية في جامعة هارفرد: (وفي الحقيقة، إن اختيار المطبعة الحجرية للمغرب كان عملا فرديا قام به عالم من منطقة تارودانت في جنوب المغرب اسمه محمد الطيب الروداني)
ومما تجدر الإشارة إليه أن القاضي الطيب التملي كان يسعى دائما في أعمال الخير، فقد حفر عينا من الماء العذب وأجراه بتارودانت، وعم النفع بها المساجد والحمامات والمطاهر والسقايات.
ولما بدا لأخيه عبد الكريم أنه أحق بخطة القضاء لما يراه في نفسه من الشفوف عليه كتب إليه قائلا: (تعال، فكن أنت القاضي وأنا النائب فلا تشوش علينا ولا على نفسك)
توفي المترجَم رحمه الله بعد 1284هـ/1867م وقد رأى ثمار المطبعة التي جلبها حيث تم إبلاغه بالكتب التي طبعت بها لتودع في خزانة الجامع الكبير بتارودانت بموجب رسالة من الأمير الحسن الأول آنذاك مؤرخة في 11 ربيع الأول عام 1284هـ