قال الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، إن مهنة الصحافة ليست هي الإساءة لأعراض الناس والتشهير بهم، ولا اختلاق الأخبار ونشر الإشاعات، مضيفا أن القانون يعاقب على القذف والتشهير والسب، ونشر النبأ الزائف إذا أضر بالنظام العام. عبد النباوي الذي كان يتحدث في ندوة دولية، يوم الثلاثاء 07 يونيو 2022، حول “دور القضاء في تعزيز حرية التعبير بالمنطقة العربية”، أشار إلى أن كون الصحافة هي مهنة جمع الأخبار، فإنها تؤهل الصحافي للحصول على الأخبار والمعلومات من مصدرها، إلاَّ ما استثناه القانون من معلومات وأسرار، ولذلك فقد نص الدستور على الحق في الحصول على المعلومة.
وأضاف المتحدث، أن الصحافة هي “مهنة الشرف، وبهذا استحقت أن تحمل لقب السلطة الرابعة في العرف المجتمعي. ولذلك فالصّحافي مطوّق بالتزامات قانونية والتزامات أخلاقية، تجعل حريتَه رقيباً عليه، والمسؤوليةَ مناطاً لمهنته”. وزاد قائلا: “لئن كانت الصِّحافة تؤدي دورها داخل المجتمع، في نقل الأخبار الصحيحة والكشف عن التصرفات الضارة، والإعلان عن المبادرات الحسنة، كما تشكل سيفاً مسلطاً على المخالفين للقانون بواسطة تحرياتها وتحليلاتها وتعاليقها. فإن القضاء يقوم بدور المحافِظ على التوازن بين الحقوق والواجبات”.
ومضى يؤكد أن القضاء “مدعو لحماية الصِّحافة والمحافظة على حريتها، وعلى حقها في الوصول إلى مصادر الخبر وفي حماية مصادره المشروعة. ولكنه يقوم كذلك بحمايةِ حقوقِ الأشخاص وأعراضِهم من بعض التجاوزات التي تتم عن طريق الصِّحافة. وكذلك حماية الأمن والنظام العام من بعض الممارسات الصِّحافية التي تُحرِّض على الجرائم أو تُشِيد بها، أو تدعو إلى التمييز والعنصرية، أو تَمَسُّ بالأخلاق العامة، وغيرها من المواضيع التي اعتبرها القانون جرائم”.
وأردف عبد النباوي، أنه “إذا كان نجاح الصّحافة في مهامها يُقاس على أساس صحة الأخبار التي تنشرها، وعلى أساس السَّبْق الصِّحافي في تناول ذلك الخبر. فإن تفوق القضاء في مهامه يقاس على أساس نجاحه في إقامة التوازن بين حقوق الصِّحافيين وحقوق الأغيار الذين يُكوّنُونَ مادةً صِحافية، وعلى أساس الفعالية والنجاعة في رد الفعل القضائي”. وأبرز المتحدث، أن مهنة القضاء ومهنة والصحافة وإن كانت تبدوان متعارضتين، “فإن الحقيقة غير ذلك، لأنهما متكاملتان في حماية المجتمع والنظام العام.
ولا تسمح إحداهما للأخرى بالتجاوز ، وكل واحدةٍ ترصُد سير الأخرى وتمنعه من الزلل والسقوط” ، وشدد على أن “القاضي – بمقتضى الفصل 117 من الدستور – مؤتَمَنٌ على حماية حقوق الأشخاص وحرياتهم وأمنهم القضائي، كما أن الصِّحافي عَيْنُ المجتمع على الأحداث، يبحث عنها ويتحرى بشأنها ويوثقها وينشرها للعلن” ويرى عبد النباوي أن “ كلا المهنتين تكُون مادةً لأداء الأخرى.
فالصّحافة تتابِعُ أبحاث وأحكام القضاء وتنْقُلها للناس، لتكون لهم أخباراً ذات عِبَر. والقضاءُ يَلتقط بعض الوقائع التي تنشرها الصِّحافة لفتح أبحاث وتحقيقات، قد تنتج عنها محاكماتٍ، تُصبح بدورها مادةً خبَرِية وأحاديثَ ذاتِ عِبَر لمن يعتبر”.
وخلص المتحدث إلى أن “تعرُّف القضاة على مهام الصِّحافيين، مُفيد لهم في تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالصِّحافة. كما أن تعرُّف الصِّحافيين على المهام القضائية مُفيد للإعلاميين في تحليل الإجراءات القضائية والتعليق على الأحكام”.