نعيش عصر الإعلام بامتياز، حيث منسوب الأخبار، بغثها وسمينها، يجتاحنا من كل حدب وصوب، والمواقع الأمازيغية الإلكترونية، التي تبث بحروف تيفيناغ، على الرغم من قلتها، تدخل هذا السباق محاولة أن تجد لها موطئ قدم على الساحة الثقافية والإعلامية الوطنية.
وعلى الرغم من أن حضور اللغة الأمازيغية على المستوى التكنولوجي بمختلف مستوياته يعد حديثا، بما في ذلك إنتاج المحتويات الرقمية والموارد المعجمية وتوحيد المصطلحات، إلا أن هناك جهودا مبذولة لتكريس كتابة الأمازيغية المعيارية بحرف تيفيناغ انطلقت منذ سنة 2003، وذلك من قبيل مشاريع المعالجة الآلية للغة الأمازيغية التي تبتغي إعطاء هذه اللغة مكانة في مجال التقنيات الحديثة.
فصفحات ومواقع من قبيل “تيفيناغ ببساطة” و”أماضال أمازيغ” التابعين لجريدة العالم الأمازيغي، و”ماب أمازيغ” التابع لوكالة المغرب العربي للأنباء، تحاول كسب أكبر نسبة ممكنة من القراء الناطقين بالأمازيغية أو حتى غير الناطقين بها للتعريف بالأمازيغية وبحرفها الأصيل والرمزي “تيفيناغ”.
وفي تصريح للبوابة الأمازيغية لوكالة المغرب العربي للأنباء، تقول أمينة بن الشيخ، مديرة جريدة “العالم الأمازيغي” وموقع “أماضال أمازيغ”، إنه “منذ تأسيس جريدة العالم الأمازيغي، قررنا إدراج اللغة الأمازيغية على غرار منابر وجمعيات كانت تنشر بالأمازيغية”.
وأشارت إلى أن جريدتها كانت تنشر بالحرف اللاتيني إلى أن صادق صاحب الجلالة الملك محمد السادس على مقترح اعتماد حرف تيفيناغ لكتابة الأمازيغية يوم 10 فبراير 2003.
وبخصوص الموقع الإلكتروني “أماضال أمازيغ”، فقد كان يشتغل في البداية، توضح السيدة بن الشيخ، بثلاث لغات وهي العربية والأمازيغية والفرنسية، بينما يتم الاشتغال، حاليا، على إخراج موقع باللغة الأمازيغية فقط، وستكون انطلاقته بمناسبة اليوم العالمي للغات الأم (21 فبراير).
وأبرزت أمينة بن الشيخ أن هذا الموقع سيتضمن حوارات ومقالات مكتوبة بتيفيناغ وروبورتاجات ومحتويات سمعية بصرية، مشددة على أن إدماج اللغة الأمازيغية يمر عبر إدراجها في الإعلام بحروف “تيفيناغ”، وأن استمراريتها رهين بالقراءة وبوجود كتاب أمازيغ يتقنون اللغة الأمازيغية المعيارية.
من جهتها، قالت رشيدة إمرزيك، سكرتيرة تحرير جريدة (العالم الأمازيغي)، “إذا نظرنا إلى الموقع الإلكتروني للجريدة، نجد أن نسبة متابعيه بلغت 109،599”.
وأكدت أنه “على الرغم أن الموقع لم يصل بعد إلى مستوى بعض المواقع الالكترونية، إلا أن هذه النسبة تعتبر مهمة بالنسبة لنا”، مضيفة أن الموقع يتميز بكونه يهتم بقضايا الأمازيغ في جميع أنحاء العالم، حيث “يتم التفاعل مع قضاياهم و اهتماماتهم في حينها”.
وذكرت السيدة إمرزيك أن جريدة (العالم الأمازيغي) اعتمدت حرف تيفيناغ منذ 2001، بحيث كانت تنشر، بجانب مقالات بالحرف اللاتيني، عدة مقالات مكتوبة بالأمازيغية بحرفها تيفيناغ، إضافة إلى أنها كانت تخصص ما يقارب ثمان صفحات للأمازيغية، نظرا لغزارة المراسلات والمقالات المكتوبة بها، مضيفة أن عدد هذه المقالات المحررة بالأمازيغية تراجع في السنوات الأخيرة إلى أربع صفحات و ذلك لقلة الإنتاجات الصحافية في هذا المجال و “انعدام الإرادة السياسية في فرض وإلزامية الكتابة بتيفيناغ في كل القطاعات الحيوية”.
وعلى الرغم من المجهودات التي يقوم بها الإعلام الأمازيغي للقيام بالدور المنوط به، تضيف السيدة إمرزيك، إلا أنه لا يزال يعاني من عدة مشاكل و إكراهات على مختلف الأصعدة تحد من إمكانياته، لهذا يتوجب على القائمين على هذا المجال العمل على توفير هذه الإمكانيات لتأهيل الموارد البشرية وتأمين تكوين ملائم لمهامها الإعلامية، ودعم المقاولات الإعلامية التي تشتغل في الإعلام الأمازيغي المكتوب.
كما يجب على الإعلام الأمازيغي أن يعتمد، بالدرجة الأولى، سياسة القرب في مواده الإعلامية من خلال الاهتمام بالجهات وتغطية الأخبار ذات الطابعين المحلّي و الجهوي، والعناية بالشأن الثقافي المحلّي والجهوي، وتجويد دور الإعلام في مستويات الإخبار والتثقيف والترفيه، واعتبار اللغة والثقافة الأمازيغيتين قادرتين على القيام بدورهما في هذا الإطار.
وهكذا فإن تبوأ حرف تيفيناغ مكانته المأمولة في الفضاء الافتراضي والإلكتروني رهين بتضافر جهود الإعلاميين والقراء والجهات الوصية، خصوصا وأن إضافة حرف تيفيناغ من طرف شركة مايكروسوفت لنسخة برنامج تشغيل الكومبيوتر “ويندووز8” يعد خير دليل على التطور الذي يعرفه حضور هذا الحرف على مستوى الشبكة العنكبوتية، ذلك أن هذا البرنامج يحتوي على لوحة مفاتيح اللغة الأمازيغية بتيفيناغ.