في كل فصل صيف وعلى عكس باقي الفصول تكثر المهرجانات في ربوع الوطن، وإن كانت هذه القاعدة تشذ في إقليم تارودانت خاصة حاضرته، فالمهرجانات لا تعرف فصولا ولا مناسبات، بل تنظم رغم كل الظروف وفق علاقات وأجندات ومواعد قارة كأنها طقوس تعبدية مفروضة، ولولا حاجتنا للاختصار لمثلنا لذلك بمهرجانات ليس لها عائد على المدينة إلا تبذير المال العام والخاص، والبهرجة، وتلميع الصور الشاحبة سياسيا واجتماعيا وإنسانيا وفنيا.
ما يثير الرأي العام مؤخرا وهو تنظيم مهرجانات في جل مدن الإقليم وجماعاته، أي في بعض مراكز الإقليم وقراه التي تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط التنمية المحلية والبنى التحتية، هذه المراكز والقرى التي تعرضت لسنوات من الجفاف امتدت لأزيد من سبع سنوات، إضافة إلى الزلزال الذي ما زالت تبعاته تلاحق بعض ساكنته المشردة في الخيام أو في دور الكراء بعيدة عن موطن سكناها، ومن عجيب الصدف وسوء التخطيط عند البعض أن هذه المهرجانات تنسب إلى منتوجات مجالية كالزيتون والخروب والحناء وغيرها، حتى وإن كانت بعض المنتوجات تعرف ضعف الإنتاج أو عدمه بسبب الجفاف، فالأهم عند المنظمين هو البحث عن أدنى نسب أو مناسبة لوسم هذه المهرجانات وتنظيمها لأغراض شتى، سنمر على ذكرها.
فعلا هناك منتوجات مجالية جديرة بالاحتفاء وأثبت مهرجانها أنه يشكل قطب رحى في تثمين المنتوج المجالي والجذب الاقتصادي والسياحي والتعريف بالمنطقة، كمهرجان الزعفران بتالوين، أما باقي المهرجانات فلم ترق إلى تحقيق الأهداف المنشودة منها لضعف الرؤيا وأحادية القرار وعدم استحضار الحاجيات الضرورية للساكنة والزوار على السواء رغم تبنيها من عمالة إقليم تارودانت سابقا في إطار تثمين المنتوجات المجالية بدعم من التنمية البشرية، أما ما يصاحبها من معارض فلا تعدو إلا تأثيثا للخيام والأروقة المتراصة بمنتوجات مستهلكة في الأسواق، في غياب أي عروض مغرية للزائرين.
إن المتتبع لهذه المهرجانات حضورا أو في وسائل التواصل الاجتماعي يسجل عدة ملاحظات منها:
الحضور السياسي لأعضاء حزب رئيس الجماعة المنظمة للمهرجان، وتلميع صورهم فوق منصة المهرجان وفي الصفوف الأمامية مما يجعل المهرجان مناطا للتسويق الحزبي والتنافس السياسي.
غياب التقارير المالية التفصيلية ومصادر التمويل، وعدم إشراك جمعيات المجتمع المدني في التنظيم وصنع القرار.
ضعف البنية التحتية للجماعات والفضاءات المستقبلة لمثل هذه المهرجانات.
عدم تحقيق المهرجان لأي تنمية مستدامة للمنطقة أو عائد مادي.
هذا بالإضافة إلى مشاكل تنظيمية يصعب عدها وحصرها ليست مناسبتها في هذا المقال الوصفي.
إن فكرة تنظيم المهرجانات فكرة سديدة لا يجب أن تعارض من أجل المعارضة والمشاحنة والرفض فالترفيه هو مطلب اجتماعي، ولكن ليس على حساب أولويات تفتقر لها الجماعات وساكنتها؟
أليست تلك الأموال والمجهودات التي تقام بها هذه المهرجانات كفيلة بمعالجة مشاكل بسيطة تتخبط فيها الساكنة؟
الجواب بالطبع سيكون: بلى عندما تكون العلاقة بين المسؤول السياسي والمواطن مبنية على الحقيقة والواقعية والوعود الصادقة وليست على التمويه والكذب والإرجاء وفي الأخير التسول، مسؤول يسأل المواطن صوته، ومواطن يسأل المسؤول خزان ماء أو كيس إسمنت.
بقلم: منير المنيري (فاعل جمعوي وحقوقي)