تارودانت هو الاسم القديم الذي عُرفت به المدينة في مصادر العصر الوسيط، ولعل أول من ذكرها بهذا الاسم بعد أن كانت معروفة باسم “مدينة السوس الأقصى” هو الشريف الإدريسي (من علماء القرن 6هـ/12م) حين قال: (ومن أرض درعة إلى بلاد السوس الأقصى أربعة أيام ومدينته هي تارودانت).
و”تارودانت” كلمة أمازيغية تعددت الآراء في تفسيرها وتحديد معناها اللغوي، ليس هنا محل سرد هذه الآراء ومناقشتها جميعا، حيث يصعب التسليم بالروايات الشفوية والاجتهادات التي وردت في أصل تسمية المدينة بهذا الاسم، وخلاصة القول أن كلمة “تارودانت” مؤنثة مذكرها “أرودان” بمعنى التل عند بعض الباحثين، وعند محمد شفيق في معجمه نجد أن للكلمة جذرا يحيل على معاني الثأر وإحداث الفوضى والاضطراب، أما الباحث أحمد بزيد، فيذكر في أصل التسمية رواية تستمد جذورها من المعطيات الطبيعية للموقع الذي تأسست فيه المدينة ويلحظ أن (تار- دانت) كلمة مركبة تعني: عديمة الزوال أو المدينة الخالدة وهو ما يتفق مع قول ابن سعيد الغرناطي (توفي عام 673هـ/1274م) في أن مدينة تارودانت مدينة أزلية وأن لها عمائر كثيرة.
وجدير بالذكر أن “أرودان” بالأمازيغية اسم لطائر الوروار (طائر جميل يتغذى على النحل) يُطلق أيضا على المرعى الخصب والفضاء المتعدد الألوان، وكذلك كانت تارودانت كما وصفها ابن عذارى في القرن 7هـ/13م: ( تارودانت الشهيرة ذات الخيرات الكثيرة .. عليها العمارة والسكنى والرياضات، وكل دار بإزائها رياض وفيها من الأشجار أنواع، واتصل هذا المجموع بعضه ببعض في بسيط معتدل الهواء فسيح الأرجاء واسع الطرقات كثير الخيرات، قد احتوت تلك الرياضات على أشجار اختلفت ألوانها وحدائق ملتفة أغصانها).
وتارودانت مدينة عريقة أسستها القبائل الأمازيغية قبل الإسلام واختارت لها موقعا ممتازا في وسط سهل سوس على مقربة من الوادي، بين سلسلتي جبال الأطلس الكبير والصغير، فكانت عاصمة السوس الأقصى وقاعدته الكبرى وملتقى قبائله الأمازيغية المختلفة ومقر حكم تلك القبائل ومعقل زعمائها وأمرائها، ثم بقيت مركزا للسلطة السياسية والإدارية المشرفة على تصريف شؤون سوس طيلة العصر الوسيط.
ولما اختط السلطان محمد الشيخ السعدي مدينة تارودانت في النصف الأول من القرن 10هـ/16م، وأذن للناس في إحيائها وعمارتها أصبحت للمدينة مكانة متميزة بين حواضر المغرب آنذاك فاس ومراكش.