تواجه المناطق المتواجدة في نفوذ وكالة الحوض المائي أبي رقراق والشاوية جفافاً شديداً، كما هو شأن مختلف الأحواض المائية بالمملكة، بسبب ضعف التساقطات المطرية المسجل خلال الموسم الحالي.
وتشير معطيات صادرة عن وكالة الحوض المائي أبي رقراق والشاوية إلى أن الفترة الممتدة بين فاتح شتنبر 2021 و21 مارس 2022 سجلت عجزا بنسبة 52 في المائة مقارنة مع السنة العادية، وهو ما أثر في حقينة السدود.
وسجل سد “تامسنا” الذي يمُد مركز الكارة وبن احمد بالماء الصالح للشرب عجزاً بـ50 في المائة، وسد سيدي محمد بن عبد الله، الذي يوفر 70 في المائة من احتياجات المنطقة الساحلية الممتدة بين سلا والدار البيضاء الكبرى بأكملها، عجزا بنسبة 94 في المائة.
وتمتد دائرة نفوذ الوكالة على 20 ألفا و470 كيلومترا مربعا، أي ما يناهز 3 في المائة من التراب الوطني، وتغطي حوض أبي رقراق وحوض الأودية الساحلية وهضبة الشاوية، أي من سيدي قاسم وصولاً إلى برشيد.
وتضم المنطقة سكاناً يناهز عددهم 8.7 ملايين نسمة، ويرتقب أن يصل عددهم إلى 13.2 مليون نسمة في أفق سنة 2050. فيما يتركز في المنطقة نشاط صناعي مهم يمثل حوالي 68 في المائة من النشاط الاقتصادي الوطني على مستوى الإنتاج.
وحسب معطيات الوكالة فإن المياه السطحية في المنطقة تقدر بحوالي 869 مليون متر مكعب سنويا، فيما تناهز المياه الجوفية 86 مليون متر مكعب. لكن تبقى هذه الموارد المائية جد محدودة وذات توزيع جغرافي غير متوازن، إذ لا تتعدى الحصة السنوية للفرد 109 أمتار مكعبة في السنة.
وتعاني الموارد المائية في هذه المنطقة من إكراهات عدة، إذ أفادت الوكالة بأن الفرشات المائية تخضع لاستغلال مفرط، كما تعاني من تدهور جودة الموارد المائية، الذي يتمثل في التلوث المنزلي، إذ يتم تصريف 240 مليون متر مكعب في السنة من مياه الصرف الصحي في الوسط الطبيعي.
كما يبرز ضمن الإكراهات أيضاً التلوث الصناعي نتيجة احتضان المنطقة أربع مناطق صناعية لها تأثير مباشر على جودة الموارد المائية؛ ناهيك عن المطارح العمومية التي تضم 16 مطرحا عشوائيا و10 مدافن للنفايات.
ويؤثر التلوث الفلاحي أيضاً على الموارد المائية عبر جريان أو تسرب المياه، وهو تلوث مرتبط بأسمدة الآزوت والفوسفاط بحوالي 857 طنا سنوياً، إضافة إلى استعمال المبيدات بحوالي 35 طنا سنوياً؛ ناهيك عن التلوث الناتج عن تربية المواشي بـ277462 طنا سنوياً. وبالإضافة إلى ما سبق، تُعاني المنطقة من التلوث العرضي المتمثل في تسرب المياه المالحة داخل الفرشات المائية الساحلية ومخاطر الفيضانات، إذ توجد بالحوض عدة مناطق مهددة بالفيضانات تم تحديدها في 100 نقطة سوداء.
مواجهة الإكراهات
أمام الإكراهات التي تواجه أهم وكالة حوض مائي في المغرب، يجري العمل على تدبير الطلب على الماء وتثمينه والرفع من مردودية شبكة توزيع الماء الصالح للشرب داخل المدار الحضري، والاقتصاد في المياه السقوية عن طريق التدبير التشاركي للفرشات المائية في إطار عقود الفرشات المائية التي تحث المزارعين على إعادة تحويل نمط السقي إلى السقي المحلي، وذلك بهدف تقليص جلب المياه الجوفية بـ30 في المائة.
كما تتضمن إستراتيجية الوكالة تعبئة الموارد المائية على نطاق واسع من خلال تحلية مياه البحر، وإنجاز سد تيداس وبوخميس، والربط بين سد المنع بحوض سبو وسد سيدي محمد بن عبد الله؛ إضافة إلى إنجاز سدود خنوسة وسيدي عمار على واد أبي رقراق وعين لقصوب على وادي انفيفيخ، والشراط على وادي الشراط، وسيدي عمر على وادي تانوبرت.
وعلى مستوى إعادة استعمال المياه، أوردت الوكالة ضمن المعطيات أنه يتم العمل على إعادة استعمال 45.6 مليون متر مكعب من المياه العادمة المعالجة في أفق سنة 2050؛ ناهيك عن تجميع مياه الأمطار.
ولمحاربة آثار الجفاف، تم وضع برنامج لتدبير الجفاف على صعيد كل جماعة بالحوض. ويتم إيلاء أهمية أكبر لجانب التواصل والتحسيس الذي وضع له مخطط يتم تحيينه كل سنة للتحسيس حول ندرة الماء داخل الحوض، وضرورة المحافظة عليه؛ وذلك من أجل تغيير بعض السلوكيات.
ويتضمن المخطط تشجيع الصناعيين على الانخراط في برنامج محاربة التلوث الصناعي، ناهيك عن تنظيم “أسبوع أقسام الماء”، في إطار الاحتفال باليوم العالمي للماء، الذي يستهدف تحسيس التلاميذ بأهمية الماء وضرورة الحفاظ عليه، وبالتالي توعية جميع أفراد أسرهم ومحيطهم.