أعلام رودانية: عيسى بن عبد الرحمن السكتاني.. قاضي الجماعة بالحضرتين تارودانت ومراكش

محمد سرتي10 فبراير 2023
عيسى بن عبد الرحمن السكتاني.. قاضي الجماعة بالحضرتين تارودانت ومراكش
عيسى بن عبد الرحمن السكتاني.. قاضي الجماعة بالحضرتين تارودانت ومراكش
محمد سرتي

عيسى بن عبد الرحمن السكتاني، فقيه وأصولي، أخذ عن كبار علماء المغرب، من أبرزهم: خطيب جامع الشرفاء بمراكش أبي عبد الله محمد بن أبي القاسم الشريف الفلالي وقاضي الجماعة بفاس أبي محمد عبد الواحد بن أحمد الحميدي والشيخ الحافظ أبي العباس المنجور وغيرهم.

قال عنه تلميذه صاحب الفوائد: (كان محققا نقادا، نظارا بارعا في علمي الأصول والعربية، والفقه، مشاركا في غيرها من الفنون مشاركة معتبرة .. حضرتُ درسه في الأصول والفروع وغيرها، فرأيته مليح التحقيق، صحيح التدقيق، أنيق الفهم، صائب السهم.

وقال أبو علي اليوسي في معرض حديثه عن شيوخه الذين عدهم في فهرسته: (ومنهم الشيخ الإمام الماهر العلامة قاضي القضاة أبو مهدي عيسى بن عبد الرحمن السكتاني، حضرتُ عنده جملة من مختصر الشيخ السنوسي المنطقي، وجملة من محصل المقاصد لابن زكري، وكان إمام وقته في فنون العلم مع سَمت وهمة، ونية صالحة في طريق القوم، ومحبة في أهلها، رحمه الله وجزاه خيرا).

استقر بتارودانت بعد رحلته العلمية، وتصدر بها للتدريس والقضاء إلى أن استولى عليها يحيى بن عبد الله الحاحي، وخلع بيعته للسلطان زيدان بن أحمد المنصور السعدي، وأعلن نفسه أميرا على سوس، حينئذ اضطر السكتاني للانتقال إلى مراكش وقُدم فيها للقضاء والفتيا والتدريس، وقد أنكر على الأمير يحيى خروجه على السلطان وبعث إليه رسالة طويلة أوردها الإفراني في النزهة، مطلعها: (أحمد الله الذي جعل الصدع بالحق وظيفة الرسل والأنبياء، وأورثه بعدهم من خلقه فريق العلماء العاملين والأولياء، والصلاة والسلام على من أكد أمر النصح وقال إن الدين النصيحة، فقيل لمن يا رسول الله؟ فقال لله ولرسوله ولأمة المسلمين وعامتهم).

ومما تجدر الإشارة إليه أن للسكتاني فتاوى عديدة تتعلق بالنوازل والأقضية الطارئة، عندما تعرضت أسواق تارودانت للنهب والسرقة، وحينما اختلف السكان فيما بينهم ووقع الخلاف بين أرباب الحوانيت وإدارة الأحباس، وقد جُمعت هذه الفتاوى وضُمت إلى أخرى حول العبادات والأنكحة والطلاق والبيوع في سفر كبير تحت اسم (أجوبة عيسى بن عبد الرحمن).

ومن ذلك أن التجار المسلمين لم يسمحوا لأهل الذمة بمزاحمتهم في القيسارية القديمة، لما كانت المدينة تحت إمرة السملاليين، حتى بلغ بهم الأمر إلى إلزامهم بنزع نعالهم عند دخولهم للقيسارية لقضاء مآربهم.

وقد سُئل القاضي عيسى عن هذه النازلة التي وقعت عام 1058هـ/1648م، فأجاب: الحمد لله، أقول: إن إلزام أهل الذمة ما ذكر من إزالة (السبابيط) تضييق وظلم لهم وغير جائز في شرعنا، ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا خصيم من ظلمهم.

توفي المترجَم رحمه الله بمراكش وقد أناف على المائة، سنة 1062هـ/1652م ودُفن خارج باب الخميس بضريح الولي الصالح أبي القاسم الجراوي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة