أشجار النارنج (الفشفاش) بتارودانت: رائحة زكية وثروة غنية، فلم تقتل في صمت؟

أشجار النارنج (الفشفاش) بتارودانت: رائحة زكية وثروة غنية، فلم تقتل في صمت؟

النارنج أو ما يسمى بالفرنسية الليمون المر وعند الأهالي الفشفاش، شجرة قد تبدو للبعض مجرد تأثيث لجنبات المدينة وأزقتها وأحيائها وبعض حدائقها، ولكن بعد بحث عميق سيتأكد أنها الشجرة التي تليق بمناخ تارودانت شبه الصحراوي، فهي شجرة معمرة، دائمة الخضرة، تتخذ أحجاما مختلفة قد تصل إلى عشرة أمتار طولا، تتحمل العطش وظروف المناخ القاسية والمتغيرة.

أما عن فوائدها الصحية والبيئية فهي لا تعد ولا تحصى، من بينها أنها ملطفة للجو، مخفظة لحرارته، معقمة لمحيطها بما تنفثه من زيوت طيارة معقمة من أغصانها وأوراقها، وفوائدها الطبية والتجميلية  كثيرة أيضا، ولعل أعظم ما يمكن إنتاجه منها هو ماء زهرها وزيت “النيرولي” الأساسي العطري والطبي.

قديما كان التجار المراكشيون يأتون إبان إزهارها ليقتنوا زهرها الأبيض من الأهالي ويذهبوا به ويقطروه في موسم يخصص لهذا الغرض، وإذا لم يكن إلا هذا العائد لهذه الشجرة لكفاها، فالكل يعرف ما لماء الزهر وزيته من قيمة سوقية وطنيا وعالميا، فلماذا تم الاستغناء عن هذه الشجرة في تارودانت واستبدالها بالنخل الأمريكي وأشجار الفيكس التي تلوث فضاءها وتخرب بنية الأرصفة بجذورها الضخمة والقوية؟ ما الدافع البيئي والجمالي لذلك؟ ألم يكن من الصواب تثمين هذه الشجرة وزيادة أعدادها في المدينة كهوية بصرية بيئية؟

يقال إن رودانة ابنة الشام، فهل تم الحفاظ على هذه الشجرة التي يعتبر  أصلها في روايات عديدة من الشام قبل نقلها للأندلس ومناطق أخرى من العالم، إننا بحاجة إلى هذه الشجرة اليوم أكثر من أي وقت مضى وذلك بعد شحوب المدينة وتلوث أجوائها ونفاذ الروائح الكريهة لها من بعض مطارح المدينة وضيعات تسمين العجول، إن إعادة غرس هذه الشجرة وتوطينها في تارودانت لا يحتاج الكثير، ولكن يحتاج إلى رؤية بيئية وإرادة سياسية، وفي انتظار آذان صاغية وأفئدة حالمة نقول لا رونق لمدينة تارودانت إلى بعودة خضرتها وهويتها الطبيعية والمتمثلة في أشجار ومغروسات عديدة ومن بينها شجرة النارنج…الفشفاش.

بقلم: منير المنيري / أستاذ وفاعل جمعوي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة