تناقلت كبريات الصحف الإلكترونية بالمغرب خلال يوم أمس خبر تنظيم يوم تشاوري بمدينة الصويرة حول تثمين موقع معمل السكر بـ (إيدا أوكرد) أكد فيه الرئيس المؤسس لجمعية (الصويرة موكادور) أن معمل السكر بالصويرة الذي يعود إلى عهد السعديين أصبح هو الموقع الوحيد في العالم لقطاع الصناعة الغذائية، الذي كان قد عاش عصره الذهبي في القرن السادس عشر الميلادي!!
على هامش هذا التصريح وأمام انتشار خبر أن الصويرة تحتضن آخر بقايا آثار صناعة السكر في العالم، نتساءل كيف تم القفز على معاصر ومعامل السكر بتارودانت وهي الأقدم على الإطلاق وآثارها لا زالت جاثمة بأحواز المدينة في كل من تازمورت وإميز وأولاد مسعود؟!!
في هذا الصدد نسوق نصين من التاريخ المكتوب أحدهما لكاتب مراكشي من كتاب القرن الثاني عشر الميلادي ورد فيه: “وعلى هذا النهر -يقصد وادي سوس- قرية كبيرة جدا تعرف بتارودانت وهي أكثر بلاد الله قصب سكر، وفيها معاصر السكر كثيرة، ومنها يجلب السكر إلى جميع بلاد المغرب والأندلس وإفريقيا وهو المشهور بالطبرزد المذكور في كتب الطب”.
أما النص الثاني فهو لعبد العزيز الفشتالي وزير السلطان أحمد المنصور الذهبي يصف فيه مدينة تارودانت: “إلى معاصر السكر الجاثمة حواليها جثوم أهرام مصر يتقاصر عن تشييدها أولو القوة من عاد وثمود الذين جابوا الصخر بالوادي ما شئت من توطيد وتشييد وبرك مستبحرة وجفان كالجواب وقدور راسيات وحركات هندسية ولوالب فلسفية ومقاييس حسبة وانهار تتسنم لإجراء أرحيتها العظيمة الأخشاب ذوي الأسوار الممتدة الأعراف إلى عنان السماء بتدبير وفلسفة تحار فيها حكماء يونان وجنان سليمان لا يطير تحت جناحها البلد الجديد من فاس الذي هو عند بني مرين مشيد به (…) ولا قصبة مراكش التي هي عند الموحدين ومن قبل الإعجاز بل إذا ذكرت المحمدية لف كل منهما رأسه استحياء”.
نصوص تاريخية عديدة تؤكد بوضوح قيمة وقامة معامل السكر بتارودانت .. ولكن للأسف هذه الموارد والمواقع الأثرية لم تنل بعد مكانتها المعتبرة من حيث التعريف بها وصيانتها، وإدماجها ضمن مسالك السياحة الثقافية بالمدينة، وجعلها رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والمجالية.