عبد الرحمن بن عمرو بن أحمد الجزولي البعقيلي، يكنى بأبي زيد، ويُعرف بالجراد، فقيه، لغوي، وفلكي عالم بالتوقيت، أصله من بعقيلة بالأطلس الصغير، تربى في كنف أسرة علمية مشهورة بسوس تحت رعاية والده العالم العلامة المفتي عمرو بن أحمد، وأخذ عن علماء تارودانت ومراكش وفاس.
قال عنه الإفراني في الصفوة: (كان رحمه الله مشاركا في العلوم من نحو وتصريف ولغة وحساب، وبرع في علم الهيئة مع فطنة تامة وذكاء زائد).
وقال أبو محمد عبد الله بن مبارك الأقاوي: (لم أتأسف على فقيه مات، تأسفي عليه لفوات هذه العلوم بموته، ولم يتخلف ببلاد المغرب من يحققها مثله).
تصدر عبد الرحمن البعقيلي للتدريس بالجامع الكبير بتارودانت، وأشرف على ضبط أوقات الصلاة بمساجد المدينة، وتولى نظارة أحباس المسجد الأعظم أواخر القرن 10هـ/16م.
ومما تجدر الإشارة إليه أنه صنع بيديه رخامتين نقش عليهما الساعة الزمانية وخطوط الزوال والظهر والعصر، وآخِر العصر لمدينة تارودانت ولكل بلد يوافقها في العرض، ونصبهما في منارتي المسجد الأعظم وجامع القصبة تيسيرا لعمل المؤذنين، قبل أن يستدعيه السلطان أحمد المنصور للإقامة بالقرب منه.
وكان سبب نقله أن المنصور رأى من دلائل التنجيم جيوشا فهاله ذلك وظن أنها تزحف له، فلما سُئل عبد الرحمن عن ذلك أجاب: تلك جيوش الجراد .. فكان كما أخبر!
ومنذ ذلك الحين قربه أحمد المنصور إليه بمراكش لينتفع بعلمه، وسماه عبد الرحمن الجراد، إلى أن وقع الوباء بدار الخلافة، فرجع إلى تارودانت، ثم انتقل منها لبلده بعقيلة، وبها توفي رحمه الله سنة 1006هـ/1598م.