تقع القصبة الزيدانية في الجنوب الغربي لتارودانت على بعد حوالي 3 كيلومترات من المدينة، كانت ثكنة للجيش الإسماعيلي بقيادة مولاي زيدان العلوي الذي حاصر تارودانت أثناء ثورة أخيه محمد العالم سنة 1114ه حيث اتخذها مسكنا ومنطلقا لهجوماته وقاعدة خلفية يتحصن بها.
يقول المختار السوسي: (والزيدانية قصبة لا يزال سورها ماثلا، هي منزل زيدان بن إسماعيل لما حاصر أخاه في المدينة)
وجاء في معلمة المغرب:
كانت هذه القصبة شديدة التحصين كما يظهر من سورها الذي تهدمت أجزاء كثيرة منه بعد أن تحولت القصبة إلى تجمع سكاني، وقد تم تأسيسها حين قدم الأمير زيدان لقتال أخيه محمد العالم المتحصن بتارودانت عقب عودته من مراكش التي استولى عليها واستباحها، ولما ظهرت للأمير زيدان قوة الثوار المحتمين بأسوار تارودانت واستماتتهم في القتال مما يعني طول مدة الحرب، أمر ببناء القصبة وتحصينها ليتخذها الجيش المخزني منطلقا لهجوماته على الثوار وقاعدة خلفية يلجأ إليها ويتحصن بها عند التعرض لضربات خاطفة من الخصوم، بنيت هذه القصبة في الجنوب الغربي لتارودانت لتركيز الهجومات على الجانب الغربي للمدينة الممتد من أولاد بونونة إلى باب الغزو المسمى الآن باب تارغنت، استمرت الحرب بين الفريقين ثلاث سنوات شهدت معارك ومناوشات عدة هلك فيها عدد كبير من القواد والأعيان والمقاتلين من كلا الطرفين.
لم يفلح الثوار في تجاوز سور الزيدانية الحصين كما لم يستطع الجيش المخزني اختراق أسوار تارودانت إلا باتصال الباشا عبد الكريم بن منصور التكني أحد قادة عبيد البخاري بأعيان أولاد بونونة، واتفاقه معهم على فتح الأبواب للجيش المخزني مقابل حقن دمائهم، وهكذا تمكن محمد زيدان من الدخول لتارودانت ففر أخوه محمد العالم أمامه راجيا اللجوء إلى قبيلة ركيتة غير أن عبيد البخاري أدركوه فألقي عليه القبض وبعث إلى مكناس حيث قتل يوم الأحد 16 ربيع الثاني 1118ه/1706م
ولا تتوفر المعلومات عن حال قصبة الزيدانية بعد القضاء على هذه الثورة إلا ما كان من إشارة ترد بعد ذلك بزمن طويل في أوائل القرن الرابع عشر الهجري حينما اتخذها القائد الناجم الأخصاصي أحد رؤساء المجاهدين تحت إمرة الشيخ أحمد الهيبة قاعدة يشن منها الهجومات على حيدة بن ميس قائد الجيش المخزني بسوس المتحصن بتارودانت، ولا يستبعد أن تكون القصبة اتخذت بعد ثورة العالم قاعدة عسكرية قطنها فيلق من عبيد البخاري لمراقبة تارودانت والمناطق المحيطة وقمع الثائرين بها بعد ذلك مثل المولى أبي النصر بن المولى إسماعيل الذي ثار هناك سنة 1123ه ثم أصبحت في مراحل لاحقة تجمعا سكنيا على غرار كثير من القصبات الإسماعيلية في نواحي المغرب ولا تزال على ذلك إلى اليوم.
معلمة المغرب: 4785
وتجدر الإشارة أن حالة القصبة الزيدانية اليوم متدهورة جدا بسبب الإهمال الذي طالها والتعديات التي لحقتها بسبب الزحف العمراني.