موسى بن العربي الرسموكي، يكنى بأبي عمران، فقيه وأديب، أصله من رسموكة إحدى قبائل جزولة، أخذ عن أخيه محمد بن العربي، وعن فقهاء بلده، ولما أتقن حفظ القرآن، سافر لطلب العلم وعمره خمسة عشر سنة، فلازم أستاذه الفقيه محمد بن عبد الله السملالي لأزيد من عشر سنوات في قراءة الفنون العلمية من نحو وفقه وفرائض وحساب ومنطق وغير ذلك، بعدها قرأ (جمع الجوامع) و(تلخيص المفتاح) على الفقيه أحمد بن محمد السندالي كما حضر مجلس الفقيه عبد الرحمن بن القرشي، وهو يقرئ مقدمة (جمع الجوامع) في جامع المواسين بمراكش.
شارط موسى الرسموكي في (إيمولاس) بقبيلة منتاكَة، ثم في (الجعافرة) بقبيلة المنابهة، وفي سنة 1314هـ دخل إلى تارودانت أيام الباشا حمو، وكانت تعجبه وله رغبة في السكنى بها، فاشتغل بالتجارة إلى أن تعرف على القاضي محمود بن محمد بن عبد الله أخياط فأذن له في خطة العدالة والفتوى وحضور مجلس أهل الشورى، وكان حينها يسكن في بيت بمدرسة الجامع الكبير قبل أن يتزوج.
تولى قضاء تارودانت ونواحيها أوائل العهد الحفيظي، وكانت توليته في شهر شعبان عام 1326هـ/1908م، إلى أن عين السلطان مولاي يوسف الفقيه الفاطمي بن محمد الشرادي في عهد الاستعمار على قضاء المدينة، فبقي متعاونا معه رغم ما كان يرومه الوشاة من الإفساد بينهما، ولما انتقل الفاطمي إلى فاس وتعذر رجوعه لكثرة أشغاله وضعف حاله، تولى الرسموكي قضاء تارودانت بموجب ظهير شريف مؤرخ في 19 رمضان 1337هـ/1919م، وكتب رسالة إلى صديقه وقد علم أنه هو الذي أوصى به جاء فيها:
وليتك إذ أبيت إلا فراقنا
سكت ولم تشر بزيد ولا عمرو
كان القاضي موسى متعففا، ولم يكن له من العقار إلا دار سكناه، وهي دار صديقه القاضي محمود الخياطي اشتراها من ورثته في ولايته الأولى بما كان معه من أموال التجارة والمشارطة، وكان لا يتهاون في ترصد أهلة المواسم والأعياد، فقد كان يصعد سطح داره ولا يبرحه إلا بعد اليأس من رؤية الهلال، وإذا رآه أطلق بيده طلقتين من مسدس له، فإذا سمعه الناس تناقلوا الإعلام بأن القاضي موسى أطلق طلقتين من مسدسه، فلا يبقى شك في الصوم أو الإفطار.
كما كانت له نزهة أسبوعية كل يوم أربعاء يقضيها مع خاصة طلبته وأدباء عصره كالأستاذ أحمد بن المسلوت وعبد الله خرباش وأمثالهما، فيقضون اليوم كله إلى المساء في المذاكرات والمساجلات الأدبية تحت ظل الأشجار، وقد كان أكثر ما يخرج إلى جهة المصلى خارج باب الخميس.
قال عنه المدني بن الحسني رئيس مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى في حديث راج حول قضاة المغرب المبرزين: ما رأيت بين القضاة اليوم مثل سيدي موسى الروداني، فإنه عندي من بقية السلف فيما ينهجه من أحكامه، وإنها لأشبه شيء عندي بأحكام قضاة الأندلس.
وقال عنه المؤرخ علي بن الحبيب السكراتي: لم يزل في القضاء على سَنَنِ السنة سالكا، وبمشهور مذهب مالك مالكا.
وذكره قاضي مدينة سطات أحمد بن العياشي سكيرج في نونيته لما زار تارودانت عام 1936م واستراح عند الباشا محمد بن عبد الله الشنكَيطي بقوله:
ثم استرحنا عنده وبشوقنا
قمنا إلى القاضي أبي عمران
فخر القضاة بذلك القطر الذي
تمتد فيه خرائط العمران
أما المختار السوسي فقد زاره في رحلته الأولى خلال جزولة إلى تارودانت حيث التقى به في داره يوم السبت 8 ربيع الثاني عام 1361هـ/1942م وقيَّد عنه ترجمته وبعضا من نظمه، كما سأله عن كتاب (نفحات الشباب) وعن (رحلة حجازية) لأحمد الأسغاركسي المتوفى عام 1136هـ، وقد أشاد به ووصفه بــ (الشاعر الناثر المفتي القاضي، زينة رودانة خصوصا والقطر السوسي عموما) وذكر أنه كان خزانة لتاريخ سوس وتقلبات أحواله، خصوصا مع اعتنائه بالتقييد وتحرير الوفيات، وكانت له ذاكرة قوية يستحضر بها أوقات الوقائع.
ومعلوم أن للرسموكي تقييد مهم جمع فيه الأخبار والأحداث التاريخية ووفيات أعيان العلماء والطلبة والفلاحين والتجار والصناع بتارودانت وأحوازها.
توفي المترجَم رحمه الله حسب مقيدات ابنه الفقيه العدل أحمد بن موسى في شهر شوال سنة 1361هـ/1942م، ودُفن بمقبرة باب الخميس بتارودانت.