تشهد مدينة تارودانت، في الآونة الأخيرة، تفاقمًا مقلقًا لظاهرة “المختلين عقليًا”، وهم أشخاص يعانون من اضطرابات نفسية أو عقلية ويعيشون في وضعية تشرد وتهميش تام، ما بات يثير استياء الساكنة المحلية ويطرح تساؤلات حول فعالية منظومة التكفل النفسي والاجتماعي بهؤلاء الأفراد.
وتنتشر هذه الفئة من الأشخاص في عدد من أحياء المدينة، لا سيما بالقرب من الأسواق الشعبية والأماكن العمومية، حيث يظهر العديد منهم في وضعيات غير إنسانية، محرومين من أدنى شروط الرعاية الصحية أو الإيواء، وهو ما قد يُعرضهم للخطر كما يُشكل تهديدًا محتملًا للسلامة العامة.
في تصريح لـ “تارودانت الٱن”، أوضح أحد الفاعلين الجمعويين أن “الظاهرة ليست جديدة، لكنها آخذة في الاتساع بسبب غياب تدخلات فعالة من الجهات المعنية، خاصة في ما يتعلق بإنشاء مراكز متخصصة للعلاج النفسي أو وحدات متنقلة للتكفل بالحالات الحرجة”.
ويرجع بعض المتتبعين هذه الظاهرة إلى تداخل عدة عوامل، من بينها الفقر، وضعف الوعي بأهمية الصحة النفسية، وغياب الدعم الأسري، بالإضافة إلى محدودية الطاقة الاستيعابية للمراكز المتخصصة، خاصة على مستوى الأقاليم.
وفي هذا السياق، دعا عدد من المواطنين والفاعلين المحليين إلى اعتماد مقاربة متعددة الأبعاد، تنطلق من الجانب الصحي وتشمل الاجتماعي والحقوقي، من أجل ضمان حماية هذه الفئة الهشة وإدماجها في المجتمع بشكل يحفظ كرامتها ويصون أمن الجميع.
كما طالبوا بتفعيل برامج الرعاية النفسية على المستوى الترابي، وتعزيز شراكات الدولة مع جمعيات المجتمع المدني الفاعلة في مجال الصحة النفسية والإدماج الاجتماعي.
وتبقى الظاهرة، بحسب المهتمين، مؤشرًا على الحاجة الملحة إلى مراجعة السياسات العمومية المتعلقة بالصحة العقلية، وتفعيل بنود الدستور التي تنص على الحق في العلاج والحماية الاجتماعية لجميع المواطنين، دون استثناء.