لايمكن لأي مجتمع أن يتقدم بفعل الطبطبة و تمجيد الأشخاص عوض مناقشة الأفكار وطرحها للتداول .. صدق استاذ جامعي عندما كان يقول أن الأجر في الإسلام يكون مقابل العمل .. و مدام هنالك أجر .. فلاداعي للإشادة و التقدير و الثناء .. لأن وجوب الأجر هو الأصل في المسألة .. البلاد لا يمكن أن تتقدم بالاستقرار على رأي واحد وفرضه بالقوة و الغصب بإسم الديمقراطية و الصناديق .. الاستقرار الفكري ..ضمور اجتماعي.. و استبداد ممنهج للإفلات من سهام النقد و الإنتقاد .. و تبعات المحاسبة و الإدانة وتكميم الافواه المعارضة و حجب مدى صوتها بالإستعانة بالأجهزة الإعلامية المرتزقة التي تضرب في المناطق الحساسة أقوى و أشد، كلما تم الدفع أكثر و أكثر…
تمنعك الطبطبة و إرسال إشارات الرضى من الإدلاء برأيك .. و التعبير عن المعاناة الإجتماعية التي تخالج المجتمع .. تحول بينك و بين أن تملي لهم ما حق لهم و ما وجب عليهم .. لم يكن المناضلون السياسيون السابقون يمجدون قادتهم حد التقديس .. كانوا يثقون في رؤاهم.. يحترمون توجيهاتهم و تمسكهم بعقائدهم و اصطبارهم على تكالب مصالح الجماعات لإحتكارهم سلطة ما .. أو مصدر قرار ما .. في إطار المنافسة الإيديولوجية الصرفة و التموقع الإجتماعي و السياسي.. و لكنهم كانوا ينتفضون منقلبين على قادتهم في كل مرة يتجلى لهم بالواضح أن تحركاتهم اضحت ضربا من الجنون و تتنافى مع ما يغرفون من ذاكرة ذكراهم من مواقف سابقة او قرارات تم تبنيها عن قناعات.. بيد أنه في الآونة الأخيرة.. بفعل غياب التكاوين السياسية .. و انبلاج فجر جديد من المرتزقة و أصحاب طموح الليل.. اولئك الذين يمنون النفس بالريادة غدا.. عبر تسلق سلالم المسؤولية بفعل التملق و الإرتكان للإسترضاء.. و الدفاع المستميت الأعمى عن الأشخاص..و الإفتداء السياسي بالدخول في حروب استنزاف .. ينالون مواقع متقدمة بدون تمكين و لا تكوين ولا صقل للقناعات كمرحلة اساسية لصناعة القادة إن صح التعبير .. ينبجس أيضا من عمق ثغر الآمسؤولية و الفساد المؤسساتي ذاك باعتبار الأحزاب مؤسسات سياسية كانت تعتبر المسؤول الأول عن خلق الحياة السياسية بالوطن..رهط من الفاشلين الخونة المقنعين بقناع التنظيمات الهشة ..التي تتعلق مدة صلاحيتها بمدة تاريخ انتهاء صلاحية قادتهم.
إن كل المزكين السابقين والتابعين لهوى قادتهم .. دون تدقيق و لا تمحيص للمعطيات و التحركات..كل اولئك هم الذين يتحملون مسؤولية هوان الجسم الإجتماعي و روابطه ..و البنى الفكرية للجماعات .. و الأخلاق السياسية للأفراد .. و لن تكون هنالك حركة تصحيحية أبدا ما دام الكل يمشي القهقرى عندما تستدعي الظرفية تحكيم الضمير و استحضار الفطرة و مسلمات البناء النقدي الممنهج القائم على الوقوف طويلا عند القرارات المتخذة و سبر اغوار دهاليزها و دراسة تداعيتها الداخلية و الخارجية ..فعلى الأقل يبقى النقد سلاح الرقابة الفكرية بامتياز.
بقلم ذ. داوود الفضيلي